في بادرة هي الأولى من نوعها، تم الانتهاء من طباعة أول كتاب نشاط مساعد لتعليم القرآن الكريم للصم بلغة الإشارة الوصفية، إذ تم طباعة 6 آلاف نسخة في المرحلة الأولى بتمويل من مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز (مسك الخيرية) للتشجيع على الإبداع.
ويعتبر هذا المشروع الأول من نوعه في الاهتمام بتعليم القرآن الكريم لذوي الاحتياجات الخاصة، باعتبار القرآن الكريم هو المصدر الأول لمعرفة الأحكام الشرعية، وترجمت معانيه إلى كثير من اللغات، كما تمت ترجمته بلغة الإشارة لإيصال ما يشمله من حِكَمٍ وأحكام وعِبَر ومواعظ إلى فئة الصم، ويتكون الكتاب في المرحلة الأولى من فصلين دراسيين، يشمل الفصل الأول سورتي «الفاتحة، والإخلاص»، فيما يحوي الفصل الثاني سورة «الفلق، والناس».
أعد الكتاب وألفه محمد بن هيجان الصحبي، وهو مختص في تعليم الصم واستمر العمل عليه مدة أربع سنوات، بين الحصول على فتوى شرعية وتطبيق تجارب ميدانية وإقامة دورات بالتعاون مع وزارة التعليم وبالتحديد إدارة التربية الخاصة التابعة لإدارة تعليم الرياض، وبمشاركة معلمين مميزين، ومترجمي لغة الإشارة، وإداريين مختصين في تربية وتعليم العوق السمعي وآخرين. وأجيز العمل على المشروع وتطبيقه على الصم بفتوى صادرة من الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء ممثلة بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء بالمملكة، فيما جاءت خطوة توزيع الكتاب على مجتمع الصم في السعودية تتويجاً للجهود التدريبية والتعليمية التي بذلت بالتعاون بين «مسك الخيرية» ووزارة التعليم متمثلة بإدارة التربية الخاصة.
وأوضح المشرف على الكتاب محمد الصحبي لـ«الحياة»، أن أهم ما يميز مشروع توزيع نشاط القرآن الكريم للصم في السعودية والوطن العربي هو التركيز على تسليمه لطلبة التعليم الخاص فئة العوق السمعي بنين وبنات وحلقات تحفيظ القرآن الكريم للصم، مشيراً إلى أنه يهدف من وراء تعليم الأطفال الصم تفسير القرآن لما يعانون من صعوبة بالغة في فهم القرآن وسبل تعلمه.
وشدد على أن التركيز على هذه الفئة المتعلمة من الصم جاء للعمل على تدريبها وتعليمها للوصول من خلالها إلى فئات مجتمع الصم، لافتاً إلى أن الكتب التي سيتم توزيعها لا تكفي لتغطية مجتمع الصم في الوطن العربي كافة، إلا أنه هناك فريق سيعمل على إيصال هذا الكتاب لهم في المرحلة المقبلة.
وتوقع المشرف التربوي للعوق السمعي في إدارة التربية الخاصة، المختص في تعليم الصم الأمور التربوية عبدالمحسن البدر أن يحدث توزيع كتاب نشاط القرآن الكريم للصم نقلة نوعية نحو توعية مجتمع الصم في العالمين العربي والإسلامي، داعياً جميع المؤسسات العربية العاملة في مجال الصم إلى الاستفادة من تجربة المملكة للوصول بالقرآن إلى 17 مليون أصم في العالم العربي. من جانبها، أكدت مؤسسة مسك الخيرية في تعليقها على تبنيها هذا المشروع أن التعليم يُعد ركيزة أساسية لنهضة الأمم، والقاطرة التي تعبر بالمجتمع نحو آفاق التقدم والتطور، لذلك عملت على دعم العملية التعليمية، ورأت في طباعة كتاب القرآن الكريم للصم مبادرة تعزز الاهتمام بهذه الفئة في حقهم في التعليم، وأن مجتمع الصم في المملكة هو المجتمع الأول الذي حظي بهذه المبادرة على مستوى العالم.
ونوهت بأنها ستقوم بتوزيع 200 كتاب إهداء خاصاً إلى شخصيات اعتبارية في المجتمع والمثقفين من الصم والمؤسسات العاملة في هذا المجال.
فيما وقف عضو هيئة التدريس بجامعة الأمير سطام، رئيس جمعية سمعية سابقاً راشد الهزاني، على المشروع وشارك بترجمته مع نخبة من المترجمين والمعلمين المميزين، واستبشر بهذا المشروع ولما فيه من خدمة لأبنائنا الصم في كل مكان.
وأشار إمام وخطيب جامع خديجة بغلف بجدة عبدالله الغامدي إلى أنه اهتم بتطبيق المشروع في حلقات الصم للبنين وللبنات في الجامع، لافتا إلى أنه مشروع كبير ومهم جداً للصم نأمل بتكملة بقية «جزء عم» لينتفع به الصم جميعاً في كل مكان في العالم.
ومن جانبه، عبر الأصم أبو بكر الأنصاري، وهو أول معلم للقرآن الكريم بجامع الراجحي وجامع الخلفاء بالرياض عن بالغ سعادته بالحصول على كتاب نشاط القرآن بلغة الصم، مشيراً إلى أن الكتاب سيسمح لنحو 900 ألف أصم في المملكة و17 مليون أصم في العالم العربي بالتعرف على معاني القرآن. وأضاف أن الكتاب سيتيح له معرفة كيفية ممارسة حياته الدينية بشكل صحيح، مشيراً إلى وجود صعوبات بالغة على صعيد فهم القرآن تواجه الأصم عموماً ويأمل بأن يساعد هذا المشروع في مواجهتها.
واقترب فريق عمل المشروع بقيادة محمد هيجان هذه الأيام من إطلاق تطبيق في الهواتف الذكية يتضمن منهج الكتاب برعاية المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد بوادي حلي وكنانة، على أمل أن تساعد هذه الخطوة في نشر الفكرة وتمكين جميع مسلمي العالم من الاستفادة منها عبر توظيف واستثمار التقنيات الجديدة التي تمكن من نقل التجارب بيسر وسهولة.
المصدر: جريدة الحياة
http://www.alhayat.com/Articles/18904394